تركيــا تقمــع العلوييــن وتهــدد سوريــا
د.نسيب حطيط
يحاول الأتراك الظهور كرواد للإصلاح والحرية ورعاة للشعوب الثائرة على حكامها،والترويج للنموذج التركي الحارس لحقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة والإسلام المنفتح(الأميركي)،لكن الوقائع التركية التاريخية والحالية تكذب وتهشم تلك الصورة الخيالية وتدحض إدعاءات المسؤولين خاصة التعامل التركي مع العلويين والأكراد .
لقد اتسمت العلاقة بين العلويين والدولة العثمانية بالتوتر الدائم والثورات ،فقد ثار العلويون التركمان ضد السلاجقةعام 1208م وثار العلويون ضد العثمانيين عام1393م، وقد تعرض العلويون لأول مذبحة في تاريخهم على أيدي العثمانيين عام 1514م في معركة "تشالديران "ووصفوا بعدها بالتركية (كيزبلباش)أي(الرؤوس الحمر).
ومنذ العام1927 أطلق العلويون الأكراد سلسلة انتفاضات كان أهمها تمرد سنة1947 ،ثم إنكفأ العلويون إلى العمل السياسي وانخرطوا في الأحزاب السياسية اليسارية والعلمانية ، حيث باتوا يشكلون16-18%من نواب البرلمان بين سنة 1950و1980.
والعلويون أو العلاهيون احدى المذاهب الإسلامية ويدعون(ALEVIS) وبالتركية(ALEVILIK) ،و يتجاوز عددهم العشرين مليونا، اي حوالي 25% من سكا تركيا، ويقطن العلويون في منطقتين الأولى هي لواء الإسكندرون المحتل من تركيا(ولغتهم العربية) وفي منطقة الأناضول حيث يشكل العلويون الأكراد نسبة36% من العلويين في تركيا، ،ولا يزالعلويون خارج الإعتراف الرسمي بحقوقهم الدينية من تركيا العلمانية او تركيا الإسلامية،حيث لاتعترف السلطات ببيوت العبادة العلوية،ولاتصرف لهم المساعدات المالية كبقية المساجد والجمعيات الإسلامية،ويعاب على المواطن او السياسي التركي ان يكون علويا،وظهر ذلك اثناء الحملته الإنتخابية لرئيس الوزراء(أردوغان) بإتهامه لرئيس حزب الشعب العلماني التركي بأنه علوي،وبعد أحداث سوريا أعلن اردوغان أن الرئيس الاسد(العلوي) متزوج من(سنية)مما يشفع له قليلا،وكان لافتا وخطيرا في تصريحات مسؤول تركي لرفيع المستوى لصحيفة(حرييت)بما يتطابق مع النزعة المذهبية التي أطلقها أردوغان في بداية الأحداث في سوريا وهي العزف على الوتر المذهبي عندما ذكر المسؤول المذكور، أن الحكم في سوريا هو في يد أقلية علوية على صلات القربى مع الشيعة في المنطقة وإيران، وانطلاقا من ذلك فإن الدعم الإيراني الشيعي لدمشق هو من عوامل استعداد تركيا للمشاركة في تدخل عسكري ضد سوريا كما قال المسؤول التركي الرفيع المستوى.
مما يبرهن ان الحراك التركي ليس دعما للإصلاح والديمقراطية بل تنفيذا للمشروع المذهبي الأميركي لتفتيت الشرق الأوسط الجديد،وأن إدعاءاتهم الإصلاحية غطاء لدورهم الحقيقي كامتداد للمشروع الأميركي، وأنهم أبناء حلف(الناتو)وليسوا أبناء الفكر الإسلامي الأصيل، وهذا ماصرح به زعيم المعارضة التركية( كيليتشدار)بأن اردوغان وفريقه ادوات لقوى الهيمنة، والسؤال..ماذا سيفعل اردوغان وفريقه اذا تحرك العلويون سلميا او استعملوا السلاح كما يجري في سوريا، فهل سينفذ صبره أم سيكرر سلوكه في قصف الأكراد بالطائرات ،ام سيكون ديمقراطيا ويعطيهم حق المواطنة ؟
والسؤال الأكثر إلحاحا..كيف يمكن لحزب العدالة والتنمية الإسلامي،أن يكون حليفا لإسرائيل(اليهودية)العنصرية التي تحتل القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين وتحاصر غزة ؟
إن الحجاب لازال ممنوعا في البرلمان التركي بعد عقد من إستلام أردوغان وحزبه الحكم ،ويتراقص الأتراك على حبال العلمانية والإسلام والتحالف مع إسرائيل وعضوية الناتو ومحاولة الإنتساب للإتحاد الأوروبي الذي أذلهم أكثر من اربعين عاما،و لا يزالوا يقدمون الهدايا للغرب وأميركا عبر القواعد العسكرية للناتو أوتدجين حركات(الأخوان المسلمون)،أو كمقاول سياسي وعسكري لتخريب الأنظمة المجاورة.
إن الأمل الذي أعطته المقاومة استطاع توليد مجتمعات وأنظمة ودولا مقاومة وممانعة ،جعل الأتراك وحلفاؤهم وأسيادهم في مأزق حرج واسقط صمود النظام والشعب السوري الدور التركي بالضربة القاضية،واذا تورط الأتراك في سوريا كما تورط صدام في الكويت ،فستحترق تركيا بالنار التي اوقدها الأميركيون وحملها الأتراك.
إن الإمبراطورية الأميركية بدأت بالإنهيار وستعود الى حدودها،مقدمة لمرحلة التقسيم الأميركي الآتي لا محالة،فكما وحدت الحرب الأهلية اميركا ،فستعود وتقسمها من جديد،والأزمة المالية اولى المراحل، وسيندب حلفاء اميركا حظهم العاثر.